الجمعة , 29 مارس 2024

الولي الصالح المشهور لمرابط سيدي محمود الحاجي

بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين . صلى الله وسلم على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فإن تاريخ موريتانيا الإيجابي يتواصل بأمر من الشيخ علي الرضى بن محمد ناجي حفظه الله ورعاه، وسننشر اليوم على بركة الله ترجمة للعالم الولي الصالح المشهور لمرابط سيدي محمود الحاجي، وبالله تعالى التوفيق، والله المستعان وعليه التكلان.
الولي الصالح لمرابط سيدي محمود الحاجي
هو الشيخ الصالح، والمربي الناصح، والعالم الموهوب، ذو الجناب المرهوب، من هجر اللهو واللعب، وصحب نفائس الكتب، وشمر عن ساعد الجد في صباه، فحباه الله بما حباه، شطت به الدار عن الأهلين والأوطان، مجاهدا في طلب العلم والعرفان، ولازم ذكر الله، فكان هجيراه، ومن ملازمته لتلك الأذكار، ذكرت بذكره الأشجار، فنطقت بلسان مبين، تمجد المولى القوي المتين، وظهرت على يده غرائب الكرامات، وعجائب المشاهدات، ودقائق المكاشفات، وصوادق الواردات، وأبقى مجده في عقبه، مع طيب حسبه ونسبه، ألا وهو الشيخ سيدي محمود المختار بن عبد الله بن حبيب الله بن النجيب بن محمد المختار بن محمد النجيب بن أبجه بن الحاج اعلي الحاجي نفعنا الله ببركته.
وقد نظم نسبه الإمام العالم المقرئ محمد عبد الله ولد عبد الله الحاجي فقال:
هذا وإن نسب القطب الشهير = سيدنا محمود كالبدر المنير
به أتى كل مؤرخ سري = وقد عزاه كلهم لحمير
نجل التبابع فراق ذكره = وزان في كل النوادي نشره
ففاق أصله وفاق نجله = في كل مجد قد سما وفضله
فهو الولي الكامل النحرير = عم الأنام صيته الكبير
من كل أرض جاءه الكثير = فيه استوى الصغير والكبير
فكلهم قد نال ما ابتغاه = ما أحسن الهدي وما أبهاه
آباؤه المختار، عبد الله = يليهما البدر حبيب الله
ثم النجيب فوقه محمد = تمامه المختار نعم المحتد
محمد النجيب ثم أبْجَهْ = وبعده الحاج علي ذو البهجه
نجل ليحيى للمرابطينا = كان أميرا عادلا أمينا
قبل ببكر بن عامر أخيه = كما لبعضهم فخذه وانتخيه
أجداده التتابع الملوك = من مجدهم ملئت الصكوك
فملكهم توارثوه عشره = تتابعوا وهم ملوك خيره
قد انتهى ما رمت من أجداده = والغير لم أذكره معْ أحفاده
لعلمه عند النبيل النابه = وكونه لم يسمح الوقت به
محمد عبد الإله الناظم = محا ذنوبه الكريم الراحم
أسأله حبا وفوزا ورضا = والأمن والتثبيت ساعة القضا
على النبي صل بالكمال = وآله جوهرة الكمال
وصحبه الغر ذوي الرشاد = مع سلام دائم التمادي
عد الحصى والرمل والجراد = وعد ما في الكون من تعداد.
ينتمي لمرابط سيدي محمود إلى قبيلة ادولحاج المعروفة التي حازت المجد والسؤدد قديما وحديثا ورفعت ألوية العلم والنجدة والجود، يقول فيهم الولي الصالح المشهور الشريف بدي بن سيدي محمد الشريف:
بني الحاج يا ذا الحاج للحاج أمها = فما خاب راج للحوائج أمها
جماعة محتاجي الورى إن تؤمهم = يكونوا أباها في المهم وأمها
وخالا لها فالخال أرأف والد = وكانوا أخاها وابن عم وعمها
ندى ذي الندى بدر الدجى ألفغ اوبك = سرى سريانا في السراة وعمها
بدور لم ادر أم رجال رجالهم = نساء نساء الحي لم أدر أم مها.
وفيهم يقول العلامة المؤرخ المختار بن حامد في المقامة الحاجية:
لدى الحاجي يقضى كل حاج = فـإما احـتجت فاستنجد بحاجي
وفـتـش يوم تفجـعك الليالي = عن الحاجيّ في الأمر المفاجي
يجبك إذا لجأت له سـريعا = كأنك جئت تـتحفه بحاج
تجد فوق الذي أملت منه = ويصغر عنده ما أنت راج
فتحسبه إذا ما احتجت يوما = إليه لاحتياجك ذا احتياج
لديه أكبر الحاجات يقضى = والاكبر فيه الاصغر ذو اندراج
هـو الحاجيُّ من يلجأ إليه = لدى اللأوى يجد ملجا للاج
هو الوزر المفـرج كل كرب = إذا يئس الطبيب من العلاج
يهش لكل محتاج إليه = ويلقاه ببشر وابتهاج
بدون تبجح وبلا تجن = ودون تلكؤ وبلا لجاج.
وفيها يقول أيضا:
إن أولاد الحـاج والصـياما = لا تراهم عن الندى نواما
فتحوا للضيوف “أحـمـد بـاب” = حيث يلقون البشر والإكراما
كم قوي في المجد فـيهم أمين = أعطي الحمد في الورى والمقاما
فتراه للضيف أبّا خـديما = وهو حر في المجد ليس يسامى
أرغموا في السخاء أنف المهارى = في ميادينه وشاكوا الرغاما
ليـس فيهـم رد بليـس ولا لا = ت ولا لا ولا بكلا ولا ما
فـتـرى مالهم مباحا حلالا = وتـرى عـرضهم مصونا حراما
قـد أقاموا في المجد غير خزايا = واستقاموا عليه غير ندامى.
وكان المختار بن حامد قد درس العلم بقرية المبروك الحاجية على العلامة المشهور المجدد المجتهد المجاهد المحق المحقق المختار بن ابلول الحاجي، يقول في ذلك من قصيدته الرائعة في رثاء شيخه المختار:
كنا بمدرسة المبروك آونة = نعشو إلى ضوء ذاك النير الندس
كنا نحلق بالمختار يؤنسنا = بما يسلسله الراوون عن أنس
وجابر وابن عباس فيذكرنا = من الحديث بما قد كان قبل نسي
ونستفيد بأحكام مؤسسة = من الأصـول على رأس مـن الأسس
وكان إحياء علم الدين ديدنه = دأبا وتجديد عاف منه مندرس
وللخليل وسيبويه دورهما = أيضا إذا خيض في علم الخليل وسيــ ..
وفي ذلك أيضا يقول رحمه الله:
ليس الثواء بمبروك بمملول = والود فيه صحيح غير معلول
لقيت عيشا حلا لي فيه مطعمه =ولم يزل طعمه في الحلق يحلو لي
وفيه من مرض قد كان أزمن بي = أبلني زمني بآل إبلول.
وإن مجد القوم لمشهور، وإن فضلهم لموفور، والقول في مناقبهم غير محصور.
ولد لمرابط سيدي محمود الحاجي في مدينة وادان الأثرية التي تأسست سنة 536هـ على يد ثلاثة حجاج علماء صالحين قدمو من أغمات وأسسوا مدينة وادان على الدين والعلم والبر والتقوى. وهم والحاج أعلي الحميري اللمتوني، والحاج يعقوب القرشي الفهري، والحاج عثمان الأنصاري الخزرجي يقول الشيخ محمد المامي:
وآل الحاج أنصار كرام = إلى أبناء جفنة ينسبونا.
وهو قرين الشريف عبد المؤمن مؤسس تيشيت وقد أخذا عن القاضي عياض.
ثم التحق بالحجاج الثلاثة حاج رابع هو الحاج عبد الرحمن الصائم القرشي المخزومي كما في كتاب “وادان : نبذة عن تأسيسه ومؤسسيه ومختلف هجراتهم منه” للأستاذ محمد الامين ولد الكتاب، وأورد الطالب أحمد بن اطوير الجنة الحاجي الوداني في تاريخه نقلا عن شيخه سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي ــ في اشتقاق اسم وادان ــ أنهما واديان ملئ أحدهما علما ودينا، وملئ الآخر نخلا وتمرا.
وقد ازهرت وادان فكانت مركز إشعاع علمي وتجاري استمر زهاء خمسة قرون كما في كتاب ابن الكتاب. تخرج من وادان فطاحلة من علماء البلد المشهورين، من أمثال القاضي عبد الله بن محمد العلوي الشنقيطي، والطالب محمد بن الأعمش، وسيدي أحمد بو الاوتاد التيشيتي، ومحمد بن أحمد بن أبي بكر الواداني صاحب “موهوب الجليل في شرح مختصر خليل”، وهو أول تاليف شنقيطي محفوظ إذا استثني كتاب “الإشارة في تدبير الإمارة” للإمام الحضرمي.
وكان في وادان حسب ما يرويه العلامة الطالب أحمد بن اطوير الجنة أربعين دارا متجاورة في كل واحدة منها عالم سوى الديار غير المتجاورة، وفيها اليوم شارع يسمى شارع الأربعين عالما. وفيها الكثير من المكتبات الزاخرة، وغير ذلك من الشواهد على الحضارة الجليلة التي شهدتها مدينة وادان التاريخية.
أسس لمرابط سيدي محمود زاوية علمية ودينية كبرى في “الركيبة” فكان من المرجعيات الدينية والروحية المشهورة في البلد.
وقد أثنى العلماء المؤلفون والكتاب المؤرخون على الولي لمرابط سيدي محمود وذكروا جملا من جده وعبادته وتواضعه وزهادته، وبعض كشفه وكراماته، قال عنه الطالب محمد بن أبي بكر الصديق في فتح الشكور: ” كان رحمه الله تعالى من أهل الحقيقة الذاكرين الله كثيرا، ومبنى أمره على الذكر ولا سيما كلمة الشهادة، فلزمها وأكثر منها فبلغته، وعلى الصلاة على النبي صلى الله علبيه وسلم والنصيحة لإخوانه المومنين. وكان رحمه الله يخدم في مهنة أهله، كثير التواضع وهضم النفس شأن أهل التقوى. من رضي بدون قدره رفعه الله فوق قدره، ولله در القائل:
تواضع تكن كالبدر في لمح ناظر = على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يرفع نفسه = إلى خفقان الجو وهو وضيع.
له كرامات منها سماعه ذكر الجمادات. حدثني غير واحد ممن أثق به أنه شرع في الذكر فسمع صوت ذاكر يذكر معه ولم يعرف أين هو، فاستمع له حتى عرف جهته، فجعل يتبع الصوت وهو يذكر حتى وجد صوت الذكر في شجرة فوجدها تذكر الله تعالى بأصلها وفروعها وأوراقها وشوكها، وكلما أخذ في الذكر ذكرت كلها. أخذ رحمه الله تعالى عن الطالب جدو بن المصطفى ولازمه وانتفع به. توفي رحمه الله تعالى في العشر الأخير من ذي الحجة الحرام عام مائتين وألف تمام القرن الثاني عشر”.
وقال عنه الشيخ أحمد بن الامين في الوسيط في ترجمة ابنه عبد الله بن سيدي محمود: “كان والد عبد الله المذكور، من أهل الصلاح والفضل، وكانت الناس تعتقد فيه”.
ـويقول حفيده الدكتور محمد المصطفى ولد النهاه: “ظهرت عليه في صباه أمارات الصلاح عندما كان يتلقى علوم القرآن على والده فأشار إليه أحد علماء وأولياء وادان وهو حم ختار بالتوجه إلى الجنوب حيث سيجد ضالته في شخص القطب الولي الطالب المصطف الغلاوي، وأثناء فترة دراسته عليه ظهرت له كرامات منها أنه في يوم من أيام رمضان كان الحي خلف جبل يدعى انوامليل ما زال قائما في اركيبه وقع جدال بين الطلاب حول وقت الفطر، وكان الجبل يحجب الشمس عن الحي وأفطر التلاميذ فقال لهم لمرابط إن الشمس ما تزال ظاهرة فكذبوه فطلب من الله أن يزيل الجبل عن موضع الشمس فانزاح بقدرة الله تعالى وظهرت الشمس ولم يزل الجبل على هذه الحالة، والقصة متواترة عند الناس يروونها أبا عن جد.
ظهرت بادرة أخرى أثناء مقامه مع شيخه الطالب المصطف الغلاوي عندما أغار بعض الناس على حي الشيخ وأخذوا جميع ما عندهم من البقر، عرض لمرابط سيدي محمود على شيخه أن يذهب لاسترجاع البقر فوافقه على ذلك، وعندما بلغ محل القوم قصد خيمة شيخهم الذي كان غائبا فسألته ربة البيت عن مهمته فقال لها إنه يريد بقر حي شيخه، فقالت له بازدراء: لم يجدوا غيرك لاسترداد بقرهم؟ فقال لها: ألا تجدين أنني جدير بذلك؟ وكان عنده ركوة والوقت مساء فقالت له: سنعطيك ما تحمله ركوتك هذه من اللبن لتشرب وتذهب إلى حالك قبل مجيء زوجي حتى لا يبطش بك، فقال لها يكفيني إن امتلأ فأمرت أحد رعاتها أن يصب في الركوة حتى تمتلئ فلم تمتلئ وأثار ذلك انتباههم وجاءوا بحليب الحي أكمله ليملؤوا الركوة فلم تمتلئ، وقيل والله أعلم إنه وزع عليهم لبنهم ذلك، وكانت هذه الظاهرة كافية لأن يرد إليه زعيمهم ما بقي من البقر. ــ يقول الأستاذ اسلم بن محمد الهادي في كتابه “موريتانيا عبر العصور” عند ذكر هذه القصة: طوقيل إنه توجه إليهم وهو يلبس مرقعته التي أصبحت علما له (بودرباله)، وبيده قنطرة وضوء صغيرة تعرف باسم اصطيلت لمرابط سيدي محمود أو اصطيلت الطالب مصطف حسب رواية أخرى، وهي مضرب مثل في خرق العادة والتيسير”. ــ وبعد عودة لمرابط سيدي محمود إلى شيخه من سفره هذا صدره وأمره بالذهاب إلى إمارة إدوعيش في تكانت، فاجتمع عليه خلق كثير من مختلف القبائل وسماهم باسمه قائلا: “أنتم أهل سيدي محمود” القبيلة المعروفة. ومزاره مشهور شرق تجكجه في وادي البركة. وقد عاش 60 إلى 70 سنة”.
وخلفه في العلم والصلاح والمجد أبناؤه الصالحون الأبرار: عبد الله ومحمد الراظي وسيد احمد والمختار.
ومن كشف لمرابط سيدي محمود ما أورده العلامة المؤرخ المختار بن حامد في موسوعة موريتانيا جزء تجكانت حيث قال: “ويروى أن المرابط سيدي محمود الحاجي كوشف بنور الشيخ سيدي الأمين بن الحبيب ــ العلامة الجكني المعروف ــ في تگانت فتوجه نحوه إلى أن وصل إلى خيمة الشيخ …. وطلبه أن يزوجه بإحدى بناته فزوجه ببنته اخديج وهي أم عبد الله بن سيدي محمود. وقد تاه فخرا بذلك حيث قال:
أنا أنا وأبي والشيخ تعرفه = جدي وأيد الأمين جدي الثاني.
والعلامة عبد الله بن سيدي محمود هذا من أشهر علماء البلد، درس أولا على والده لمرابط سيدي محمود الحاجي، وجده لأمه العلامة سيدي الامين بن الحبيب الجكني، ثم رحل في طلب العلم فأخذ عن العلامة أحمد محمود بن آبيه (أهل أشفغ الخطاط)، ودرس أيضا في محظرة آل محمدا (أهل بوحمد المجلسيين)، وفيهم يقول:
تحيـة ذي قربـى يسائلكـم غـدا = برحماه يـوم الحشـر آل محمـدا
ومختارها المختار منكم وكلكـم= خيار لدينـا نبتغـي بكـم الهـدى
فلولاكم لـم يلـف للديـن مرشـد = وظن رعاع الناس أن يُترَكوا سدى.
وكذلك أخذ عن العلامة المختار بن بونا الجكني، وفيه يقول لما قدم المختار بن بونا تگانت وافدا سنة خمس وعشرين في ذي القعدة:
ما كنتُ أحجو من منى المذنبِ = أن تطلُع الشمس من المغرب
ولم أكن أحسب بدر الدجا = يجري مع الزُّهرِ على سبسَبِ
حتى بدا ابن بونَ في موكبٍ = لم يبقَ في الآفاق من غيهب
فمرحبا أهلا وسهلا به = وقلتِ الآلافُ من مرحبِ.
وكان عبد الله بن سيدي محمود والنابغة الغلاوي قرينين عنده، كما في ترجمة ابن انبوج العلوي له.
وفي تحقيق نظم أسماء الله الحسنى لحفيده الأستاذ مصطفى بن الشيخ بن المصطفى بن النهاه ــ وهو أحد مراجعي في هذه الترجمة ــ أنه درس أيضا في محظرة آل متالي التندغيين وأنه قال في التوسل بالشيخ محمذ فال بن متالي:
الشوق منذ زمان زاد بالبال = شوقي لأستاذنا محمذ فال
لما برى الجهل جسمي وانزوى مالي = واشتد من ثقل الأوزار بلبالي
أنَحْتُ نضو همومي أشتكي حالي = إلى الوليّ النقي محمذ فال
باللهِ عَفّرْ لوجهِ اللهِ وجهك لي = جنح الدياجي لحاجي يا بن متَّالي
العالم الكامل الأديب سيرته = تقوى المهيمن غير خالي البال ..
ومن شيوخه كذلك العلامة سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي (زوج أخته)، وقد دفن معه في “القبة” بالقرب من تجكجه.
وكان لعبد الله بن سيدي محمود علاقة طيبة بالشريف العلامة الجواد المشهور اباه الشريف بن سيدي محمد الشريف جد شيخنا الشيخ علي الرضى بن محمد ناجي بن حم بن محمد بن عابدين بن اباه الشريف بن سيدي محمد الشريف الصعيدي نفعنا الله ببركتهم، يقول العلامة القاضي الشريف محمد ابن عابدين في كتاب “لطائف التعريف بمناقب الإمام سيدي محمد الشريف”: “وسمعت القاضي الإمام بن الشريف رحمه الله يحدث أن اباه الشريف اجتمع بعبد الله بن سيدي محمود الحاجي فقال له عبد الله بن سيدي محمود: سأحدثك اليوم إكراما لك بثلاث قصص خارقة للعادة شاهدتها رأي العين. ثم قص علينا الإمام بن الشريف رحمه الله القصص الثلاث، ولا يتسع بنا المقام لذكرها الآن، وقد ذكر هارون بن الشيخ سيديا في “كتاب الأخبار” اجتماع اباه الشريف هذا بعبد الله بن سيدي محمود وذكر أنه حدثه بأربع قصص عجيبة، أما أنا فالذي سمعته من القاضي الامام بن الشريف ثلاث قصص فقط كما أن ذلك هو المشهور عند الناس، وبلغني أن عبد الله بن سيدي محمود أهدى لاباه الشريف في اجتماعه هذا به فرسا من الخيل العتاق”. اهـ من لطائف التعريف.
وقد حج العلامة عبد الله بن سيدي محمود بيت الله الحرام وزار مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها قال:
يا سيدَ الناسِ ابنَ عبد المطلبْ = وخيرَ مدْعُوٍّ وخيرَ منتدبْ
إليكَ جُبْنا كلَّ غوْرٍ وحَدَبْ = وكلّ هوْلٍ يشتكى وَيرْتَهَبْ
وليس يا سيدنا ليس الأرَبْ = منا لديكَ فِضةً ولا ذهبْ
وإنما أرَبنا كشف الحجبْ = وحفظُ الإيمان لنا من السَّلَبْ.
ولما رجع إلى بلاده قال:
بان الرسولُ وبانتْ عنكَ طيْبتُهُ = إنّ الأحبةَ والأوْطانَ أعداءُ..
وللعلامة عبد الله بن سيدي محمود تصانيف عديدة منها نظم أسماء الله الحسنى، ونظم أهل بدر، ونظم لآباء سيد الورى صلى الله عليه وسلم، ونظم لأسماء أبناء وبنات النبي صلى الله عليه وسلم، ونظم لأمهات العشرة المبشرين بالجنة، ورسالة في أنساب قبيلته، وله ديوان شعر.
توفي عبد الله بن سيدي محمود سنة 1255ه كما في حوادث السنين للمختار ابن حامد. وخلفه في الفضل أبناؤه الأبرار: محمد المختار، والشيخ، وسيدي محمد، والجيلاني، ومحمد محمود، وسيدي المختار، ومحمد الامين، والمصطفى، وبناته الفاضلات: مريم، وعائشة، وخديجة، وأم الخير، وفاطمة، رحمهم الله تعالى.
ولا باس هنا بذكر بعض أعلام إدولحاج أوردهم العلامة المؤرخ المختار بن حامد في الجزء الثقافي من موسوعته حياة موريتانيا فقال:
“مدرسة وادان من رجالها المشهورين: ــ محمد بن أبي بكر، من أولاد إبراهيم بن الحاج، أول مؤلف موريتاني له “موهوب الجليل في شرح مختصر خليل”، كان حيا عام 933. ــ سيد أحمد الفزاز بن محمد بن يعقوب من ادياقب أول من أدخل شرح الحطاب لمختصر خليل إلى وادان أخذه بالسند المسلسل إلى الحطاب عن أحمد المسك والد الشيخ أحمد باب التينبكتي، ت 1086هـ. (والعلامة المشهور الشيخ أحمد باب التينبكتي المذكور هو من العلماء الأوقيتيين الحاجيين المشهورين بالعلم) ــ سيد أحمد أيد القاسم، أي ابن القاسم، بن أحمد بن علي بن يعقوب، من ادياقب شيخ مشائخ وادان. من الآخذين عنه: القاضي عبد الله بن محمد العلوي الشنقيطي، المشهور بقاضي البراكنة، والطالب محمد بن المختار بن الأعمش العلوي الشنقيطي.. ــ عبد الله بن الأمين بن أهن اليعقوبي، الفقيه المفتي المحدث، عصري الفقيه محمد بن أبي بكر الهاشم الغلاوي، ت 1098هـ. ــ سيد أحمد الشواف بن حبيب الله الوتيري، الفقيه المحدث.. ــ محمد بن بابا هندي اليعقوبي الفقيه النحوي اللغوي البياني المنطقي القارئ، ت 1215هـ. ــ سيد محمد العاقب بن سيدي الهادي اليعقوبي العالم العارف، ت 1196هـ. ــ الإمام محمد بن الحسن، ت 1179هـ. ــ سيدي الأمين بن حبيب الله بن الكتاب من الصيام، ت1201هـ. ــ أحمد سالم بن الإمام محمد بن الحسن، من أولاد إبراهيم بن الحاج، العلامة الفقيه النحوي اللغوي المنطقي الحسابي القاضي المفتي ت 1239هـ. ــ السالك بن الإمام أخو سابقه 1245هـ. ــ سيدي بن الإمام الحسن، ت 1246هـ. ــ أحمد سالم السالك بن الإمام ت 1278هـ. ــ محمد بن حم ختار من إيدياقب، وبانم أخوه وكفؤه في العلم. ــ يحظيه بن الفاظل، من أيدياقب ت 1287هـ”.
مدرسة إدولحاج القبليين: ومن رجالها: لمرابط اغربظ بن محمد النور أخذ عن أحمد محمود بن اشفغ الخطاط وغيره، وأخذ عنه محمذ بن أحمد بن العاقل الديماني وغيره. يا مختار بن سيدي محمد الأمين بن المختار بن باب الحاج. ت 1216هـ، أشفغ محمذ فال بن اشفغ حبيب بن اشفغ محمد. ت 1219هـ. سيدي بن عبد الله بن محمذ فال بن المختار بن الفاضل بن باب شمس. حمدي بن الطالب اجود. حمدي بن المختار بن الطالب اجود الحاجي بالوطن، كانت مدرسته مشحونة بالطلبة، أخذ عن أشياخ وادان وأخذ عنه محنض بابه بن اعبيد وزايد المسلمين التاشدبيتي، وادييج الكمليلي، وغيرهم ت 1219هـ. باب بن حمدي أخذ عن والده وأخذ عنه أخوه محمذ وابن أخيه باب بن محمذ بن حمدي الآتيان. محمذ بن حمدي. محمذ فال بن عبد الله بن المختار بن محمذ اغربط. محمذ اغربط بن أحمد ميلود ت 1321هـ. محنض باب بن الإمام بن محمد الأمين بن المختار بن باب المام ت حول 1310 هـ. باب بن محمذ بن حمدي أخذ عن عمه باب وأخذ عنه محمدو وإبراهيم ابنا بوبكر التكروري ت 1315هـ. محمد بن أحمد ايجبو بن محمذ بن جدو بن أحمد فال بن امحمد بن باب الشمس ت 1344هـ . باب بن أحمد بن باب بن حمدي ت 1331هـ. محمد بن المختار بن أحمد ميلود بن المختار بن سيدو بن محم بن المختار ت 1347 هـ. محنض باب بن المختار بن محنض باب بن الإمام بن ابن 1363هـ. الشيخ أحمد بن الشمس أخذ باب بن محمذ بن حمدي وهو ابن محمذ فال بن عبد الله بن المختار بن محمذ اغربط. محمذ اباتن بن حبيب الله بن محمذ بن سيد أحمد بن محم ت 1366هـ. القطب بن المختار بن السالك ت 1396هـ. القطب بن المختار بن السالك ت 1396هـ. المختار بن باب حفيد حمدي بن الطالب أجود ومدرسته علمية وقرآنية. المختار بن القليب السباعي الحاجي بالوطن العلامة القارئ. أحمد بن محمد بن أحمد باب بن اشفغ النجيب العلامة المتفنن صاحب التآليف القيمة المفيدة في شتى الفنون ت 1251هـ. المختار اند عكور بن محمد بن سيدي امحمد الوتيدي العلامة المتفنن المؤلف. عبد الله بن مختارنا العلامة المؤلف أخذ عن محمذ فال بن متالي ومحنض باب بن اعبيد الديماني ت 1331هـ. أحمد بن المختار اند اعكوري ت 1338هـ. محمذ فال بن عبد الله بن محمذ بن بوفره الجكني الحاجي بالوطن شيخ القرآن. أخذ عن الشيخ محمذ فال بن متالي. جدو بن المختار ب الأمين بن الفاضل الكنتي الحاجي بالوطن أخذ عن محمذ فال بن عبد الله بن محمذ بن بوفره. المختار بن سيد بن ابلول المحق المحقق المؤلف المفتي ولد 1319هـ. وتوفي 1396هـ. المختار بن باب 1957م. مدرسة إيدولحاج الخارجين من شنطيط إلى الرقيبة من رجالها من ايدوبجه: الجيلاني بن النهاه. محمد بن سيد المختار بن النهاه ت 1930م. محمد بن سيدي محمد بن محمد المختار بن عبد الله بن النهاه ت 1942م. المصطفى بن العربي بن الجيلاني بن النهاه ت 1943. أحمد سالم بن العربي. محمد سالم بن محمد الشيخ. شيخنا بن سيدي أحمد ابن اباب ت 1393هـ. محمد الشيخ. شيخنا بن سيدي أحمد ت 1942. محمد الأمين بن سيدي أحمد ابن اباب ت 1342هـ. شيخنا بن محمد السالك بن اباب 1942م.
ومن أولاد الحاج: سيد أحمد بن بي في أولاد ابراهيم ت 1920م.
ومن إيد ياقب: محمد عبد الله بن التجاني بن أحمد نق بن عبدي الأكحل ت 1389هـ. الشيخ بن أبوه بن الفاظل. أحمد سالم بن بوفره بن عبدي الأكحل ت 1394هـ. أحمد طالب بن يوسف.
ومن لكرينات القاطنين في أهل سيدي محمود: محمد العزه أخذ عنه الكثير من ايدولحاج كان كثير الكتب ولا تفارقه وكان يحملها على بغلة حيث سار.
ومن الصيام: محمد بن الداهي ت 1938م. عبد الرحمن بن الداهي ت 1940م. .سيد أحمد بن الداهي ت 1945م. محمد المهدي بن الداهي ت 1962م. محمد محمود بن عبد الرحمن بن الداهي.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. محمد ولد امد أمين الثقافة في المنتدى العالمي لنصرة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وسيتواصل بحول الله تاريخ موريتانيا الإيجابي بأمر من الشيخ علي الرضى بن محمد ناجي رئيس المنتدى العالمي لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم أيده الله بحفظه وعونه ونصره.

شاهد أيضاً

العلامة حبيب الله بن القاضي الإديجبي / تاريخ موريتانيا الإيجابي

بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين . صلى الله وسلم على رسوله …